الشهادات


  كلمة الأستاذ ثابت الطاهر مدير عام مؤسسة عبد الحميد شومان  
 
   
لقد كان من من دواعي سعادتي أن أدعى لإلقاء كلمة بمناسبة حفل تكريم العلامة المفكر والمحقق الجليل الأستاذ الفاضل
والأخ العزيز الدكتور عبد الهادي التازي، الذي أكن له كل تقدير ومودة، وأعتز بصداقته ومعرفته، مثلما أعتز وتعتز مكتبة عبد الحميد شومان باقتناء أعماله ومؤلفاته، التي تعتبر موسوعة علمية وبحثية وتاريخية وأدبية وفكرية شاملة.
ولقد تعمقت صداقتي وتعاظمت بالدكتور التازي حين حظينا باستضافته قبل بضع سنوات في مؤسسة عبد الحميد شومان في الأردن ، ليحاضر في منتداها الثقافي حول الرحالة العربي الكبير ابن بطوطة، فكان أن أضاء لنا محطات أخرى من حياة هذا الرجل الفذ لم تكن معروفة. ولقد توقفت كثيرا بإزاء هذا الاهتمام الذي يبديه الدكتور التازي بابن بطوطة، وكم شعرت بمبلغ الارتباط بينهما، ولا أظن بأني أجانب الصواب إذا قلت بأن التازي المولع بدراسة الحضارات الإنسانية وشد الرحال والتجوال، قد وجد في رحلات ابن بطوطة وقدرته على وصف عادات الشعوب وتحليل مشاهداته بدقة، ضالته للبرهنة على أن العرب هم دعاة حوار وتقريب بين الحضارات منذ الأزل، ولا دوافع مبطنة وراء توقيهم للانتشار والامتداد غير منفعة البشرية، وامتزاج الشعوب امتزاجًا إنسانيًا بما يكفل حسن التفاعل والجوار، وتحقيق أكبر منفعة ممكنة من هذا التمازج .
أما عن مسيرة حياة الدكتور التازي وحياته الحافلة، فتلك قصة شموخ أخرى لا يسع المتابع غير التوقف عندها طويلا. فهذا الرجل الذي بدأ حياته مكافحًا ضد الاستعمار فعانى ضروب الاعتقال والنفي ، ثم ابتغى العلم فحقق فيه تميزًا وتفردًا .. كل  إنما يدل على مدى ارتباط التازي باللحظة الوطنية في كل تحولاﺗﻬا ... فهو جندي مخلص حين يتطلب الظرف الوطني الكفاح والمقاومة ، وهو عالم مبدع حين يتطلب الظرف نفسه البناء والتطور واللحاق بركب الحضارة، ولا أدل على ذلك من آثاره العلمية والفكرية والأدبية في كل الحقول التي طرقها باحثا ومحققا؛ والتي يربو عددها على نحو خمسة وخمسين مؤلفًا ما بين أعمال منشورة أو معدة للنشر، فضلا عن إنجازاته الوظيفية في كل المواقع التي شغلها وترك بصماته الواضحة عليها. وأنا على يقين أن مثل هذا الكم الضخم من  الإنجاز البحثي، يستحق أن تعقد من أجله ندوات ومؤتمرات عدة لسبر أغواره، والكشف عن مكنوناته.